تقتضي الأخلاقيات الصحافية أن يكون الصحفي محللا و مراقبا من أجلى المصلحة العامة و الدفاع عن المواطنين العاديين و كشف مكامن الفساد و تحليل و تسليط الأضواء على مختلف الظواهر السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الحقوقية التي يعاني منها المواطن.وبذلك فإنه يكرس تكريسا حق المواطن في الإعلام، و الذي عبره يتمكن من معرفة الوقائع التي تعنيه.
ففي الأمر، إن دور الصحافة هو دور الحارس المراقب للأفق من أجل ال
إعلان عن الأخطار المحدقة بالمجتمع أو البلاد أو فئة أو قطاع.
و بذلك يتوجب على الصحفي أن يتنزه عن الإغراءات ، المادية و السلطوية، مادامت ستمنعه لا محالة من الكشف عن الوقائع المزعجة و الأخطار المحدقة، و تحليلها و نقدها من منظور علمي موضوعي من اجل المصلحة العامة، و ليس من منظور أصحاب الامتيازات.
و بما أن الصحفي يمارس مهنة المتاعب ، عليه التنقيب و التفتيش عن القضايا المشبوهة المؤثرة بشكل أو بآخر في حياة المواطنين، و ذلك من تحليلها أو دراستها او على الأقل الكشف عنها.
إلا أن الممتهن للصحافة و المحترف للكتابة الصحفية يصطدم بجملة من الاكراهات خارجة عن إرادته وهي إكراهات متعددة و متنوعة. و قد تكون رقابية أمنية، أو مالية أو ثقافية .وهذه الاكراهات ثؤثر بشكل أو بآخر في الخط التحريري عموما للمنبر.
ومن الإكراهات الأخرى التي تظل متسترة يمكن ذكر الصحفي ناذرا ما يجد أمامه قارئ ينظر إلى النص الصحفي المنشور من منظور حقوق المواطن والإنسان والمعرفة العلمية البحتة.
فكيف على الصحفي التعامل مع كل تلك الإكراهات المؤسساتية والأمنية والقانونية ومع تعقيدات التركيبة المجتمعية مع البقاء أمينا التزاماته المهنية وأخلاقيات المهنة؟
عموما لقد أطر الصحفي إلى اعتماد أساليب للتحايل على تلك الإكراهات دون أن يتحول إلى مجرد كاتب عن نفسه أو عن جهة أو فئة معينة.
فبدل تعيين المشكلة وتسميتها وتعديد عناصرها يلجأ إلى التعميم وأحيانا إلى التنظير، إلا أنه يكون مضطرا أحيانا إلى تسمية رموز الفساد وسرد الوقائع وفضح بعض الصفقات المشبوهة والنفقات غير المشروعة، لاسيما تلك التي تفرق فرضا ويصبح عدم التطرف إليها بمثابة تخلي مفضوح للصحفي عن مهمته.