منذ ثمانينات القرن الماضي شهد مجال الاتصال الإعلامي تحولات كبرى ناجمة بالخصوص عن تطور غير مسبوق في التكنولوجيا والتقنيات المعتمدة التي فرضت الخبر المباشر وسرعة البث والتلقي. وبذلك اضطرت كل الوسائل الإعلامية والإتصالية إلى إعادة النظر في أساليبها ففي نهاية القرن التاسع عشر، قبل ظهور التلفزيون، كانت الجريدة تلعب دورا هاما في تريع الوقت الاجتماعي ، لاسيما بفضل شبكة التلغراف التي ساهمت في التوحيد الزمني للعالم، ثم ظهرت الإذاعة لنلج معها عصر الحدث المباشر أو آنية الحدث، ثم أكمل التليفزيون المسيرة في بداية القرن العشرين ، والذي مكن من نقل الخبر في وقته الحقيقي. وفي منتصف الثمانينات القرن الماضي تكاثرت الأقمار الاصطناعية وتطورت أشكال جديدة للإعلام المتواصل وتناسلت المحطات. وهذا التطور مكن من "متابعة التاريخ مباشرة" حسب عبارة "دايان وكاتز" مؤلفا كتاب "اتروبولوجيا وتاريخ التلفزيون"
وقد كانت لهذه التطورات السريعة جملة من السلبيات ، نذكر منها أن ديكتاتورية الخبر السريع أجبرت بعض الصحافيين على نقل الخبر دون التحقق من صحته ، وأجبرت المعلق الصحفي على الاكتفاء بتعليق فوري والوصف دون التحليل العميق. كما أن التبث المباشر أعطى أهمية متزايدة للصورة.
وقد امتدت آثار الخبر المباشر في بداية القرن الحالي إلى مختلف مجالات الحياة الاجتماعية وفرض عليها إيقاعا زمني متسارع. وصار التلفزيون مرجعا للصحافيين.ومن أهم تأثيرات تطور تقنيات التلفزيون مرجعا للصحافيين. ومن أهم تأثيرات تطور تقنيات التلفزيون على الصحافة المكتوبة يمكن ذكر إعطاء أهمية أكثر وأكبر للعناصر المرئية في إخراج الجريدة واعتماد الإيجاز إذ أصبحت قراءة الصحيفة قراءة سريعة.
ومع تكامل مجالات الاتصال المؤسساتي والإعلام تعقدت أكثر مهمة الصحفي الذي وجد نفسه أمام الاتصال الشامل يمطر عليه البلاغات والملفات الإعلامية والمؤثرات الصحافية ولقاءات العمل والبعثات الصحافية..الشيء الذي خلق جوا يتميز بتضاعف ومضاعفة الأخبار ، إلى أن وجد الصحفي نفسه يواجه أشكالا متعددة ومتنوعة من السطحية والتبسيط للأخبار.
إن هذه التحولات قلصت الحدود بين الخطاب الإعلامي والخطاب الدعائي ومختلف مجالات الاتصال.
في هذا الإطار العام انقلب نظام عمل الصحافة المكتوبة رأسا على عقب ومن أهم التحولات في هذا الصدد هناك استعمال المعلوماتية وشبكة الإنترنت لإصدار نشرات إلكترونية تمكن القارئ من اختيار ما يهمه والتواصل مع القراء ، بل والاتصال بكاتب المقال.هذه التطورات لن تعدم الوسيلة المكتوبة ، لكن تسمح لها بمواكبة تطور الوسائل السمعية –البصرية وتمنحها إمكانية التفاعلية والدقة في اختيار المنتوج الصحفي.
ويرى بعض الاختصاصيين في مجال الإعلام أن تكنولوجيا المعلومات الجديدة من شأنها أن تساهم في فضح حقيقة دور الصحفي الذي يدعي أنه مجرد وسيط بينما هو في الواقع غالبا ما لا يقدم الحدث كما هو بل يعيد تشكيله . كما يرى هؤلاء أن الخطاب الإعلامي نفسه معرض لأن يتغير بسبب كثرة الوسائط التي تجعل منه مجرد مكون من مكونات ما يسمى حاليا " الإقتصاد العام للاتصال"،بعدما ما كان هذا الخطاب يشكل عنصرا أساسيا للاتصال الاجتماعي.
وبشكل عام يعتبر التكامل التقني للركائز الإتصالية من العناصر التي أدت إلى دمجها في شبكة ضخمة عالمية. وفي ظل سيادة قوانين السوق قد نتجه نحو قيام إمبراطوريات إعلامية .